حرية ميديا : نظم المركز الجامعي لدراسات التطرف العنيف، التابع لجامعة العلوم الاسلامية بالعيون، ندوة حول المواطنة والدين والعنف، حاضر فيها عدد الدكاترة الجامعيين والمهتمين بالمجال، وتستمر لمدة يومين.
وتطرقت الندوة لجملة من المحاور أهمها، للهوية بين الدين والوطن، ووالمواطنة وأهميتها في ظل التنوع والتعايش، ودور الشباب في تعزيز المواطنة ونبذ العنف.
وقال محمدو لمرابط الجيد، رئيس جامعة العيون الاسلامية، إن المواطنة والأمن الفكري، قضايا عالمية، تُعنى بها كافة دول العالم؛ مضيفا أن موريتانيا من أبرز هذه الدول التي أولت هذا الجانب أهمية كبيرة وسخّرت الإمكانيات، وبذلت الكثير في سبيل تعزيز المواطنة والأمن الفكري ومعالجة المفاهيم الخاطئة والشبهات المنتشرة ومحاربة الانحرافات الفكرية وخطاب الكراهية.
ووجه ولد الجيد تحية للباحثين والطلاب في الجامعة على جهودهم الدؤوبة في تعميق البحث، وتوفير الاستشارة والخبرة، وتتبع ورصد التجارب الوطنية والدولية في مجال قضايا المواطنة، وأهمية توظيف قيم الدين الإسلامي ونبذ التطرف العنيف من أجل تعزيزها.
وهذا نص خطاب رئيس الجامعة لمن يريد الإستزادة:
"أصالة عن نفسي ونيابة عن كل منسوبي جامعة العلوم الإسلامية بلعيون، أرحب بكم في رحاب هذه الجامعة التي تتقدم بشكل مضطرد منذ تأسيسها عام 2011م محققة بذلك جملة من المكتسبات والإنجازات الأكاديمية والبحثية والمؤسسية، دفعتنا إلى السعي أن تكون شريكا فاعلا في مجتمعنا، وأن تكون إحدى الجامعات الرائدة في المنطقة، تمشيا مع توجهات فخامة رئيس الجمهورية السيد/ محمد ولد الشيخ الغزواني، الذي يُولي عناية خاصة للتعليم العالي تجسدت في دعمه للجامعة وزيادة منح الطلاب بنسبة 75 بالمائة لمرحلة الليصانص و40 بالمائة لمرحلة الماستر، اعتبارا من 1 يناير 2020م.
وقد انعكس ذلك الدعم على الجامعة، حيثتم إطلاق عدد من برامج الماستر التخصصية، ورسم خارطة طريق بحثية تساعد في تلبية أولويات التنمية الوطنية وتطلعات خريجينا المرحب بهم في قطاعات هامة من سوق العمل.
واليوم تعتزم الجامعة بحكمالعلاقة الوثيقة التي تربطها بجامعات عالمية من خلال العديد من مذكرات التفاهم واتفاقيات التعاون، التي بلغت 26 اتفاقية، أن يستفيد منها طلبة الجامعة وأعضاء هيئة التدريس والإداريين، فمن بين الفوائد الجمة لتلك الاتفاقيات أنهاستُسهم في تحقيق أهدافنا البحثية وتعزز ها.
وحيث أننا جامعة وطنية، فإننا ندرك مسؤوليتنا في الحفاظ على الوطن وتماسك مجتمعنا وقيمه وهويتهونبذ العنف والكراهية وخاصة في أوساط الطلبةوالشباب عامة، وتعزيز ثقافة المواطنة والتمسك بديننا الإسلامي الوسطي الحنيف، الأمر الذي يدعم ويعزز رؤية الدولة واستراتيجيات التنمية التي رسمها فخامة رئيس الجمهورية السيد/ محمد ولد الشيخ الغزواني، ويسهر معالي الوزير الأول المهندس/ محمد ولد بلال مسعود،على تطبيقها وتنسيقها، كما يحرص على ذلك ويتابع تنفيذهمن خلال قطاعه، معالي وزير الشؤون الإسلامية والتعليم الأصلي فضيلة القاضي الداه ولد سيدي ولد أعمر طالب .
ووعيا منا في المركز الجامعي لدراسات التطرف العنيف بالاهتمامات التي يوليها فخامة رئيس الجمهورية السيد/ محمد ولد الشيخ الغزوانيبالشباب ودوره في بناء ونهضة الوطن وتنمية وبناء المجتمعوزرع ثقافة السلام وتجفيف منابع العنف والتطرف والعنصريةوالتعصب ونبذ خطاب الكراهية،قمنا بتنظيم هذه الندوة التي تشرفون اليوم وبصفة رسمية على افتتاحها تحت عنوان: المواطنة، الدين، العنف، للمساهمة في بناء عالم أكثر تسامحا وأمنا يضمن مستقبلا ينتصر فيه الحب على الكراهية، والتسامح على الانتقام، والانفتاح على التعصب، والمعرفة على الجهل.
وهي مهمة صعبة لأننا اليوم أماممعادلتين تحاول التنظيمات المتطرفة في منطقة الساحل من حولنا أن تقود الشباب والأوساط الشبابية إليهما، ألا وهي أن يكون الإسلام ضدّ الإسلام، والعالِم ضدّ العالِم والمواطن ضد الوطن.
يريد المتطرفون تدمير حاضر الشباب لضمان تدمير مستقبل المجتمع والأوطان، عبْر إثارة حرب أهلية داخل الإسلام، بين المذاهب الإسلامية بعضها البعض، وداخل كل مذهب على حِدة، ثم داخل الداخل في تفاصيل الحياة الفكرية للمسلمين، ثم عبْر إثارة الصراع بين الإسلام والقوى الدولية، ليصبح الإسلام هدفًا للعالم، والشباب عدوًّا للوطن والمواطنة.
ومن المفزع أن عددًا من هذه الأهداف قد لاقت النجاح في منطقة الساحل المتاخمة حيث أصبح الشباب وقودا لحرب مستعرة يشتد أوارها داخل مجتمعات يحتاج أبناؤها إلى الغذاء والدواء والتعليم بعيد عن القتل والتشريد.
لقد أضحى العالم خارج ديار المسلمين قلقًا من الدين ومن أصحابه، وغذّى أعداء الإسلام حالة القلق، ليصبح الخوف من الإسلام ومن الشباب المسلم من الظواهر الصاعدة في العالم المعاصر.
إنالشباب اليوموفي منطقة الساحل خاصة يواجه تحديات كبرى تضعهفي مفترق طرق ويشهد لحظة تاريخيةٍ حقيقيةوأزمته اليوم تكاد تكون أزمةً وجودية أثرت على الأوطان، ومن أخطر التحديات التي يواجهها هي: التطرف كسلاح أيديولوجي يفوق أسلحة الدمار الشامل، مما أدى إلى تراجع دور الشباب في تعزيز المواطنة الشاملة. إن من يتأمل ضحايا الإرهاب والتطرف الديني في العالم بصفة عامة سيجد أن أعدادهم قد تجاوزت أعداد ضحايا هيروشيما عدة مرات، لكنها لم تأخذ الاهتمام الكافي أو تخلق حالة الفزع على المجتمع كما حدث في استخدام السلاح النووي.
تكمن خطورة السلاح الأيديولوجي في أنه يقتل في هدوء، ويراكم الضحايا في صمت، حيث تبدأ نشرات الأخبار في إشعار المشاهدين بالملل من متابعة أخبارٍ متشابهة وقتلى دائمين، ثم يتفاجأ المجتمع فيما بعد أنه فقد عشرات الآلاف أو مئات الآلاف من الضحايا في عدة سنوات!
أيضا من التحديات التي يواجههاالشباب اليوم في العالم بصفة عامة ومنطقة الساحل بصفة خاصة هو ما يعرف ب:
الخلافة الافتراضية: التي أصبح يحتلها الشيخ جوجل على شاشة المحمول، فقد أصبح جوجل بمثابة القبلة التعليمية الإسلامية للشباب المسلم، وحيث أن أغلب المعلومات المتاحة على محرك البحث الشهير قد وضعها متطرفون، فإنّ "الشيخ جوجل" بات هو الشيخ المتطرف الذي يرشد شباب المسلمين الجدد والمتدينين الجدد إلى مفهوم الإسلام وواجباتالمسلمين. وفي نهاية هذه الكلمة الترحيبية أريد أن أشيد بالجهود التي تقوم بها الدولة في سبيل كبح جماح خطاب الكراهية الذي قد يؤدي إلى التطرف داخل صفوف الشباب، تنفيذا لتعليمات فخامة رئيس الجمهورية السيد/ محمد ولد الشيخ الغزواني والتي أكدها في خطابه بمدينة روصو وهي جهود مهمة باتت فيتحجيم ذلك الخطابداخل صفوف الشباب على شاشة الانترنت.
كما أنه من الأهمية بمكان التذكير بالنتائج الطيبة والإيجابية كذلك لدعوةالعلامة عبد الله بن بيه للشباب، عندما خاطبهموكأنه يستحضر قصة النبي نوح عليه السلام مع ابنه (كنعان أو يام كما يسميه بعض المفسرين) عندما تخلف عن المركب، فناداه نوحٌ عليه السلام والسفينة تجري بهم في موجٍ كالجبال، لكن هذا الابنلم يلتفت، وأصرَّ واستكبر، فكانت عاقبته الغرق والهلاك مع الهالكين.
المشهد نفسه يتكرَّر اليوم مع اختلاف الزمان والمكانوالأشخاص والأركان، يتكرر في الساحل بطوفان الدم بدل الماء، الطوفان الذي تدفق نتيجة الحروب العبثية والاقتتال بين شباب البلد الواحد الذين لا يزال البعض منهم يرفض ركوب سفينة السِلْمِ، ويأوون إلى محور الشر.
إذنالمشهد يتكرر، مع العلامة المجدد الشيخ عبد الله بن بيه لقد نادي الشباب بما نادى به نوح عليه السلام ابنه كنعان: ﴿ارْكَبْ مَعَنَا﴾ قبل فوات الأوان، حينما قالالشيخ المجدد:
"أيهاالشباب لا يُتوسل إلى المقاصد النبيلة إلا بوسائل نبيلة، فلا يمكن أن يُتوسل بالإبادة والقتل لإقامة الحق والعدل" "أصوات التفجيرات بلا شك هي أقوى من أصوات العلماء، ولكن صوت الحكمة والعقل والعدل سيصل في النهاية إلى الناس."
"دعوتنا، هي دعوة للحياة وللسلام،دعوة للمحبة،دعوة لتكريم الإنسان، تلك هي المثل والقيم التي استلهمناها من كتاب الله عزو جل ومن سنة النبي ﷺ."
"إن المراجعة ليست مرادفة للتراجع، وإن التسهيل ليس مرادفا للتساهل، وإن التنزيل ليس مرادفا للتنازل"
"في بعض الأحكام الشرعية يكون الواجب عدم تطبيق الواجب؛ إذا كان التطبيق يؤدي إلى فتنة، ومثال ذلك: إزالة منكر يؤدي إلى أمر أنكر، وإلى مفسدة أكبر".
"نصوص السلام والرحمة في ديننا كثيرة، وفي كل دين في ممارسات بعض أتباعه ما يمكن أن يعتمد عليه من يروج للحرب باسم الدين".
رسالة العلامة المجدد كان لها في الحقيقة الأثر الإيجابي الكبير على شباب هذه الأمة.
وهنا تتنزل أهمية هذه الندوة المباركة التي سيثري فيها أساتذة وباحثون وخبراء النقاش حول المواطنة والدين ودورهما في نبذ العنف وخطاب الكراهية.
وفي الختام أجدد شكري لكم جميعا
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
لعيون بتاريخ 22 نوفمبر 2021