يحبسُ العالم أنفاسه ترقباً لنتائج الانتخابات الرئاسية الأمريكية، في ظل تنافس قوي واستقطاب حاد بين الجمهوري «دونالد ترامب» والديمقراطي «دو بايدن»، فيما يبدو أن الموريتانيين في الولايات المتحدة يميلون أكثر نحو بيت أبيض من دون «ترامب».
تُعدُّ الانتخابات الأمريكية هي الانتخابات الأكثر متابعة عبر العالم، نظراً لأن تأثير نتائجها يتجاوز الحيز الجغرافي للولايات المتحدة، ذلك ما يتضح في الشارع الموريتاني الذي هيمنت الانتخابات على نسبة كبيرة من نقاشاته.
ولكن الموريتانيين المقيمين في الولايات المتحدة يجدون أنفسهم في قلب الحدث، ويتابعون هذه الانتخابات بقلق كبير، على غرار بقية الجاليات العربية والإسلامية، فنتائج هذه الانتخابات سيكون لها تأثير مباشر على مستقبل بعضهم.
الجالية الموريتانية، التي تقدر بقرابة عشرين ألف نسمة، بعضهم حاصل على الجنسية، تتابع هذه الانتخابات باهتمام بالغ، فيما يتضحُ أن مناصري المرشح الديمقراطي «جو بادين» هم الأكثر في صفوف الجالية، وفق من تحدثت إليهم «صحراء ميديا».
الصحفي الموريتاني، المقيم في الولايات المتحدة، عنفار ولد سيد الجاش، يقول في تصريح لـ «صحراء ميديا»، إن الجالية الموريتانية في الولايات المتحدة، مهتمة كثيرا بهذه الانتخابات كما لو أنها ستسفر عن انتخاب رئيس لموريتانيا.
ولد الجاش الذي يتابع الانتخابات الأمريكية انطلاقاً من مهنته كصحفي، يعتقد أن الجالية الموريتانية داعمة بقوة للمرشح الديمقراطي «جو بايدن»، مشيراً إلى أن هذا الدعم تجاوز من يحق لهم التصويت ليطال المقيمين الذين لم يحصلوا بعد على حق التصويت في الانتخابات.
يوضح ولد الجاش أنه شاهد بعض المقيمين الموريتانيين يقومون بالتعبئة ويطلبون من مزدوجي الجنسية التصويت لصالح «بايدن».
ويفسر هذا الدعم بـ «قلق» الجالية من إعادة انتخاب «ترامب»، الذي يعني بالنسبة لهم «ترحيل بعض أفراد الجالية أو التضييق على البعض الآخر، فيما يتعلق بالحصول على الأوراق والاستفادة من المزايا الاجتماعية كالضمان الصحي والسكن المدعوم والمساعدات الغذائية».
ويقول الصحفي ولد الجاش: «كل الذين أعرفهم من الموريتانيين الحاملين للجنسية الأمريكية، صوتوا لصالح بايدن، ويتطلعون لأن يغادر دونالد ترامب السلطة».
من جانبه، قال رئيس مكتب الجالية الموريتانية في واشنطن دي سي، محمد ولد زين إنه صوت لصالح المرشح الديمقراطي «بايدن»، وبرر موقفه بالقول إن «الديبلوماسية الأمريكية باتت في خطر خلال حكم ترامب».
وأضاف ولد زين في حديث مع «صحراء ميديا» أن تعامل حكومة ترامب مع المهاجرين «كان غير لائق، ويتعارض مع القيم الأخلاقية للمجتمع الأمريكي».
وتابع قائلاً: «إن سياسة المرشح الجمهوري دونالد ترامب، شكلت خطراً على لحمة المجتمع الأمريكي، مما أدى إلى ظهور حركات يمينية متطرفة».
ولد الزين، أبدى تفاؤلاً بخصوص نجاح الديمقراطيين نظرا للإقبال الكثيف على مكاتب التصويت، مشيرا إلى أنه «كلما كان الإقبال أكثر كلما كانت فرص فوز الديمقراطيين أوفر».
ولكن اهتمام الأمريكيين من أصل موريتاني بالانتخابات، وصل في بعض الأحيان إلى الانخراط الفعلي في الحملات الانتخابية، على غرار الناشط يحيى ولد اللود، الذي قال لـ «صحراء ميديا» إنه ينشط في الحملات الانتخابية المحلية، لصالح الحزب الديمقراطي.
ولد اللود، الذي قال إنه نشط في حملة المرشح «بيني ساندرس» خلال الانتخابات التمهيدية، برر دعمه للمرشح «بايدن» بالقول إن «ترامب من اليمين المتطرف»، وأضاف أن ترامب «ترشح للانتخابات الرئاسية بناءً على أجندة اليمين المتطرف الكارهة للأجانب والمهاجرين».
ولكن ولد اللود يضيف إلى مبرراته بعض الحجج الاقتصادية، مشيراً إلى أن «رهانات ترامب الاقتصادية، لم تكن سليمة»، ويؤكد أنه «ورث التعافي الاقتصادي من سلفه باراك أوباما»، أي أن حصيلة ترامب الاقتصادية هي في حقيقتها حصيلة للديمقراطيين، وفق وجهة نظره.
يبدو واضحاً أن ميلَ أغلب الموريتانيين – الأمريكيين إلى المرشح الديمقراطي، غير مبني على موقف إيجابي من «بايدن»، وإنما انطلاقاً من رفض شديد لانتخاب «ترامب»؛ ذلك ما يؤكده ولد اللود حين يقول: «لقد صوتُّ من أجل إبعاد ترامب عن السلطة، ومن أجل إعادة نوع من الحياة العاقلة إلى البيت الأبيض».
إلا أن ولد اللود أكد أن موقفه من «ترامب» ليس موقف جميع الأمريكيين من أصل موريتاني، إذ أن هنالك العديد من أفراد الجالية الموريتانية يدعمون وبقوة إعادة انتخاب الرئيس دونالد ترامب، ويدعمون سياساته.
في غضون ذلك تثير حالة الاستقطاب الحاد، مخاوف الجالية الموريتانية، من أن ينزلق الوضع نحو أعمال عنف قد تدفع الجاليات المسلمة «الهشة» الثمن فيها غالياً.