سيادة الرئيس إيمانيل ماكرون،
كنت أتوقع ممن هو في مكانتكم رئيسا لأحدث نسخة من الجمهورية الفرنسية الخامسة أن يميز ضرورةً بين الاسلام كدين ورسالة قيمٍ ومثُل وتعاليمَ لاتموت تحث على العدل والاحسان وبناء الانسان وإعمار الارض ونشر السلام فيها، وبين تجربة المسلمين وتطبيقاتهم في الماضي والحاضر تماما كما ندرك نحن في هذا المنكب من الارض مدى البون الشاسع والفرق الهائل بين مبادئ وقيم الثورة الفرنسية والسياسات الاستعمارية لفرنسا وما أحدثت من تدمير في الجزائر والمغرب وسوريا وما خلفت من ضحايا وخسائر ببلادنا ومناطق عديدة من العالم.
تماما كما ندرك الفرق بين العلمانية الفرنسية التي تتعالى على صراع الأديان وتقف على مسافة واحدة منها، وبين النسخة الفرنسية الحديثة التي تمنع مسلمة فرنسية من حقها في ارتداء حجابها وتعطي نفس الحق لراهبات الدير، فرنسا التي تسُن القوانين ضد معادات السامية - وهو عمل جيد ورائد - لكنها تحرُم مواطنيها المسلمين من ذلك حين تكون معتقداتهم ومقدساتهم مستهدفة وبأعمال عدائية لا غبار عليها.
تماما كما ندرك الفرق بين الديموقراطية التي ينعم بها الفرنسيون بفرنسا والتطبيقات الخاصة بالأقليات وشعوب وأقاليم ما وراء البحار.
سيادة الرئيس،
إن استنزاف خيرات الشعوب المستضعفة والاستيلاء على مواردها ومقدراتها بقوة الدولة وشركاتها القابضة والذي لازال مستمرا لحد الساعة في إفريقيا والشرق الأوسط، هو عمل فرنسي نفذته وشاركت في تنفيذه فرنسا ولا زالت تنفذه وتشارك في تنفيذه إلى جانب قوى دولية حليفة لها.
لذلك لا نجد غضاضة في الاعتراف بأن لدينا كمسلمين أزمات متعددة لكن أغلبها - حتى نكون منصفين- من صنعكم وبرعايتكم ولمصلحتكم، ورغم ذلك لا نزال ندرك الفرق بين المَثل وتطبيقاته وتجلياته القاصرة على الارض.
أعتقد يا فخامة الرئيس أن لديكم بالفعل أزماتكم.
(*) وزير سابق