ألقى الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني مساء اليوم الأربعاء 02 سبتمبر 2020 خطابا إلى الأمة استعرض فيه أبرز ما تحقق من برنامجه الانتخابي تعهداتي، وأعلن عن برامج اقتصادية جديدة.
وجاء في خطاب الرئيس:
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على نبينا الكريم.
أيها المواطنون،
أيتها المواطنات،
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
تجسيدا لمقتضيات العقد الانتخابي الذي على أساسه نلنا ثقتكم، بذلنا في الفترة المنصرمة جهودا كبيرة في سبيل تجسيد مضامين وأهداف سياستنا العامة في مختلف أبعادها ومستوياتها.
ويتضح ذلك من حجم ما يجري تنفيذه من مشاريع وبرامج تهدف إلى مكافحة مختلف أشكال الغبن والهشاشة، وتأمين ولوج الجميع إلى الخدمات الأساسية، ودعم المنظومة الصحية والتعليمية، وكذلك من خلال ما تم إنجازه على مستوى ترسيخ الوحدة الوطنية وتدعيم اللحمة الاجتماعية، وتهدئة الحياة السياسية، وبناء دولة القانون والحريات، وإرساء قواعد الحكامة الرشيدة.
ولا يزال العمل على إنجاز مختلف هذه البرامج يجري بوتيرة مقبولة. غير أن انتشار جائحة الكوفيد 19 في أوائل السنة الجارية وما نشأ عنه من أضرار جسيمة على كافة المستويات، محليا وعالميا، أفرز واقعا اقتصاديا واجتماعيا جديدا بالغ الخطورة والتعقيد.
لقد كان لهذه الجائحة، انعكاسات سلبية عميقة على الوضع العام لاقتصادنا الوطني، بما سببته من تراجع في الناتج الداخلي الخام وكذلك بما ترتب عليها من تقلص المداخيل الضريبية وتعاظم النفقات وهو ما ساهم في زيادة عجز الميزانية.
وقد كشفت هذه الجائحة، عن ضعف هيكلي حاد في منظومتنا الاقتصادية، كما أبانت عن الحاجة الماسة إلى تعزيز دور الدولة، في تنظيم الاقتصاد وتوجيه الاستثمار وتنمية القطاعات الانتاجية والعمل على تحقيق أعلى مستوي ممكن من الاكتفاء الغذائي الذاتي.
وسعيا إلى معالجة هذه الآثار السلبية والتغلب على تحديات وإكراهات ما بعد الكوفيد 19، فقد تقرر إطلاق برنامج اقتصادي متكامل بتمويل ذاتي يربو غلافه الإجمالي على مائتين وأربعين مليار أوقية قديمة، وذلك بالموازاة مع ما يجري تنفيذه حاليا من مشاريع على مختلف الصعد، إذ هو برنامج جديد مستقل.
يهدف هذا البرنامج الذي يتم تنفيذه على مدى ثلاثين شهرا، إلى إحراز الشروط الضرورية لانتعاش اقتصادي جديد وفق مقاربة تشاركية شاملة تمنح القطاع الخاص دورا اقتصاديا فاعلا وتعمل على خلق المزيد من فرص العمل وعلى الاستغلال الأمثل لمواردنا الطبيعية في مجالات الزراعة والتنمية الحيوانية والصيد.
وسيمكن هذا البرنامج من جعل منظومتنا الاقتصادية منسجمة مع الرؤية التي تؤسس سياساتنا العامة ومع استراتيجية النمو المتسارع والرفاه المشترك ومن جعله كذلك أكثر شمولية واحتراما للبيئة بحكم تركيزه على تسريع تحقيق أهداف التنمية المستدامة المحددة في أجندة 2030.
كما سيتيح تنفيذه فرصة لتحقيق تحول هيكلي عميق، في منظومتنا الاقتصادية، يتم تدريجيا، من خلال تكثيف الاستثمار العمومي، خاصة في القطاعات الإنتاجية ذات الأولوية، وعبر إنشاء صندوق استراتيجي للاستثمار والعمل على دمج جل الأنشطة الاقتصادية في دائرة التصنيف وتبسيط الإجراءات الإدارية وتحسين مناخ الاعمال ووضع القواعد المؤسسية لحكامة قوية وفعالة.
يتمفصل هذا البرنامج حول محاور أساسية أبرزها:
تعزيز البنى التحتية الداعمة للنمو؛
تعزيز قدرات القطاعات الاجتماعية ودعم الطلب؛
ترقية ودعم القطاعات الإنتاجية لتحقيق الاكتفاء الغذائي الذاتي؛
دعم القطاع الخاص المصنف وغير المصنف؛
مكافحة التصحر والجفاف ودعم فرص التشغيل.
مواطني الأعزاء
إن تنفيذ هذا البرنامج الاقتصادي يستوجب منا جميعا منح بالغ العناية لجودة تنفيذ مختلف مكوناته، ولهذا الغرض ستضع الحكومة آليات التقييم والمتابعة الكفيلة بإنجازه على أكمل وجه مع التقيد الصارم بقواعد الشفافية والمحاسبة، والمساءلة.
إن الحكامة الرشيدة شرط ضروري في تنفيذ المشاريع التنموية، على نحو يضمن تحقيق الأهداف المرسومة لها. ولذا وجهنا الحكومة، من خلال رسالتنا التكليفية إلى الوزير الأول، بضرورة ترسيخها عن طريق ضمان السيادة المطلقة للقانون والحرص على الشفافية في تسيير الموارد العمومية مع الصرامة في التعامل مع كل أشكال الفساد إداريا كان أم ماليا.
أيها المواطنون،
أيتها المواطنات،
إن نجاح البرامج التنموية الكبرى لا يتوقف فقط على أداء الجهات والهيئات الرسمية، المسؤولة عن التنفيذ الميداني، بل يتطلب كذلك مواكبة من المواطن بحكم كونه الغاية الأولى لهذه البرامج.
ولذا، فإن على كافة قوانا الحية من أحزاب سياسية ومنظمات غير حكومية ووسائل إعلام أن تلعب دورها كاملا في الرقابة والمتابعة والتقييم، إسهاما منها في إرساء القواعد المؤسسية لحكامة قوية وفعالة.
أشكركم والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته