يقال بأن الحقيقة لها طعم مرير ولكن الصدع بها خصلة محمودة في كل المجتمعات بما في ذلك مجتمعنا قبل أن يجد نفسه محصورا بين طرفين متناقضين طرف يعتبر الإشادة بمؤهلات و كفاءة شخصية وطنية نوعا من النفاق و التملق المدفوع الثمن بغض النظر عن عفة المادح و شرف و خصال الممدوح من عدم ذلك، أما الطرف الثاني فلا يجد بدا من اختلاق شرف و خصال لا وجود لها في الأصل فلا المادح عفيفاً و لا الممدوح يصلح للمدح و هنا نجد أن اللها تفتح اللها أن تكون هذه هي القاعدة العامة المطبقة في التعاطي مع الشخصيات الوطنية علما بأن الاستثناء يؤكد القاعدة ،في هذا الإطار يتنزل التحليل الذي يتناول هذا الموضوع فإلى متى سيُرد الإعتبار لهذه الشخصيات الوطنية التي خدمت هذه البلاد فلها الحق المطلق أن تسمع قبل رحيلها إلى العالم الآخر انطباع و تقييم آداءها من طرف المجتمع كلا حسب الزاوية التي يراها منها و هذا الانطباع لا يلزم غير صاحبه غير أنه يجب أن يكون موضوعيا و نزيها و محايدا و قل ما هو و بانعدامه يلجأ إلى النسبية و لعلها اقرب للموضوعية، و عليه فعلى الرقيب الاجتماعي أن يلعب دوره كاملا غير منقوص و الذي ينحصر في إعطاء كل ذي حق حقه من النقد أو المدح حسب مردودية الشخصية و تعاطيها مع تسيير الشأن العام و هل أدت الأمانة أو خانتها أو وفقت أو لم توفق وهل نالت مكافأتها أو عقابها أو تم تجاوزها أو تمت معاقبتها بدلا من مكافأتها او العكس صحيح و لا شك أن الكثير يطرح نفس السؤال و ذلك لكوننا نشاهد شخصيات وطنية أسندت إليها مهام يتم الاستغناء عنها دون معرفة الأسباب ثم يعاد لها الاعتبار مرة ثانية و ثالثة دون أن يعرف الرقيب الاجتماعي السبب ليتضامن معها او يتحامل عليها و يحملها المسؤولية ،لا شك أن لدي ككثيرا من عامة المجتمع تساؤلات عن شخصيات وطنية خدمت لفترة و مازالت قاد على الجود بأكثر بعد تراكم الخبرات لماذا تكليفها بوظائف دون مستواها لا هي طعن في نزاهتها أو كفاءتها و لا هي تمت ترقيتها فما هي الأسباب الواضحة و الوجيهة التي قادت إلى هذه الوضعية.و بالعودة إلى الحقيقة سوف نتطرق إلى أهم ما قاله المفكرون العظماء من عراقيل تقف سدا منيعا دون تبنيها
يقول :جوستافلبون في كتابه سيكولوجية الجماهير :
من يستطيع إيهام الجماهير يصبح سيدا لهم و من يحاول إزالة الأوهام عن أعينهم يصبح ضحية لهم .
ثم يأتي فريديك نتشه ويقول
لا تقع ضحية للمثالية المفرطة و تعتقد أن قول الحقيقة سوف يقرّبك من الناس .
الناس تحب و تكافئ من يستطيع تخديرها بالأوهام منذ القدم و الناس لا تعاقب إلًا من يقول الحقيقة ،إذا أردت البقاء مع الناس شاركها أوهامها في النهاية ليست الحقيقة هي ما يهم الناس و إنما الأوهام التي يعيشونها .
و يختم جورج ارويل
في زمن الخداع الشامل تصبح الحقيقة عملاً ثورياً و لكن لا تتوقع أن يقابلك الناس بالثناء إذا قررت مواجهة الكذب على العكس ستجد أنهم يدافعون عن أوهامهم و كأنها الحقيقة المطلقة و ستصنّف انت كعدو ليس لأنك مخطئ بل لأنك تجرأت على كشف ضعفهم.
محمد فال ولد حابل