لقد شكلت الأوضاع السياسية والاقتصادية والأمنية والاجتماعية التي عاشتها موريتانيا فى العشرية الماضية محطة غير مسبوقة فى تاريخها المعاصر تميزت بحدة الاستقطاب وشيوع الفساد وظهور الجريمة المنظمة على اوسع نطاق مما هيأ الأرضية لبروز الخطاب الضيق والمنذر بتفكك الاواصر الاجتماعية وطمس الملامح العامة لسلوك المجتمع وقيمه النبيلة القائمة على الود والتكافل والإخاء وقد حدث كل ذلك فى ظل تراجع واضح لدور المنظومة السياسية فى الأغلبية وفى المعارضة إلى درجة يمكن وصفها بالعجز عن التواصل مع المواطن الذي بدى فى مواجهة مباشرة مع واقع مر ماكان له أن يقاسيه لولا حجم الاختلالات فى الأداء العمومي للمؤسسات السياسية والتنفيذية
.
ولعل هذا الوضع هو ماجعل البحث عن مناخ التهدئة واعادة الثقة بين الفرقاء السياسيين والاجتماعيين شركاء الوطن على رأس الأولويات والخيارات الاستراتيجية التي استحوذت على اهتمام رئيس الجمهورية المنتخب السيد محمد ولد الشيخ الغزواني فى ظل الاوضاع العامة المنوه عنها أعلاه.
لقد تم ذلك بالفعل فى تأسيس ناضج لبيئة الاصلاحات الشاملة وعاش الوطن أريحية الأنفس فى هدوء وطمأنينة سياسية نادرة مكنت الحكومة من وضع استراتيجيات وبرامج وتحديد توجهات تشكل مجتمعة خيارا استراتيجيا لابديل عنه اطلق عليه
" الاقلاع الاقتصادي والاجتماعي"
لكن ذلك تم على أساس معطيات أوضاع عامة سيظهر لاحقا أنها بعيدة كل البعد عن حقيقة واقع البلد بصفة عامة وخاصة واقعه الاقتصادي كما ستزداد تلك الاوضاع تعقيدا بفعل الازمات الأمنية والصحية والاقتصادية على المستويين الاقليمي والدولي ، لكن ذلك كله لم يجعل فخامة رئيس الجمهورية محمد ولد الشيخ الغزواني يتراجع قيد أنملة عن التعهدات التي كان قد عبر عنها كما لم يحل دون تحقيق نجاحات معتبرة وانجازات ملموسة لانقول إنها بحجم طموح الرئيس ولاتطلعات المواطن.. لكنها بحجم تحديات الواقع المعاش .
وفى مواكبة واعية لهذا المسار كانت عقول وخبرات وكفاءات وطنية تساهم وتساير وتراقب كل محطات الأداء الحكومي فى ارساء جاد لأرضية دولة المؤسسات والرؤى والاستراتيجيات القائمة على الاصلاحات الهيكلية فى منهجية محكمة لتسيير الواقع.. بمعالجته كماكان
وضبطه وتنظيمه كما هو
والتحكم فيه كما ينبغي أن يكون .
وبعد تقدم الاصلاحات الشاملة في الجهاز التنفيذي و استتباب جو التهدئة السياسية جاءت معالم الاصلاح السياسي باطلاق تسمية الانصاف علي أهم حزب سياسي يتبني مشروع فخامة الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني ، إنه الحزب الحاكم .
وباختيار أحد اكفئ و انزه الكوادر الوطنية لتولي رئاسته؛ كل ذلك استحضارا لضرورة العدل و المساواة و المؤاخاة و التضامن و التآزر و التكافل كصمام أمان لمواجهة التحديات الراهنة و المتوقعة في ظل الافاق الاقتصادية الواعدة.
وفي هذه اللحظة الحاسمة من تاريخ بلدنا ظهر ائتلاف وطني يضم مكونات متنوعة تعكس تركبة المجتمع وانتشاره علي التراب الوطني للاسهام الجاد فى دعم الخيارات الاستراتيجية المنوه عنها فى برنامج فخامة الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني والهادفة الي اطلاق تنمية مؤسسية مستدامة يمثل المواطن الموريتاني غايتها الأولى ووسيلتها المثلى سلاحها مقدرات البلد الاقتصادية و الحكامة الرشيدة المنشودة .
وقد شكل الاعلان عن هذا الائتلاف الوطني "وطن" النابع من الشعور بالمسؤولية الوطنية و التطلع الي المشاركة الفعالة في الشان العام و المؤمن بضرورة ايصال صوت المستضعفين والمظلومين و العمال و الغيورين علي الوطن من ائمة و فقهاء و شباب و خبراء وكل الصادقين ...
شكل درع الامان السياسي لهذا التوجه و سيعمل على خلق و حماية البئة السياسية الصالحة للتنمية المنشودة.
لقد كانت توجيهات رئيس الجمهورية والوزير الأول والأمين العام لرئاسة الجمهورية ورئيس حزب الانصاف بمثابة سور الحماية السياسية لفلسفة خطاب الاصلاح السياسي والذي يحمله الآن باسم هؤلاء الاطار اللامع وزير الصحة الأسبق د. سيدي ولد الزحاف وكوكبة من معاونيه المتميزين.
إن هذا الطرح الاصلاحي الجامع ماكان له أن يكون لولا إرادة أصحاب العقول المستنيرة
من الوجهاء الائمة وأطر التعليم وكوادر الصحة وقادة النضال النقابي وحركات الشباب وتجارب المتقاعدين العسكريين والمدنيين ورجال و نساء الاعمال والأطر الوطنيين المنحدرين من مختلف مناطق الوطن.
وبناء على ذلك خرج الخطاب الرسمي للدكتور ملاي ولد محمد لغظف الأمين العام لرئاسة الجمهورية وبتكليف مباشر من فخامة الرئيس معلنا أن الترشحات القادمة ستكون توافقية بامتياز حتى يضع الندام حدا للاقصاء والتهميش ويرسخ الانصاف بمشاركة الجميع فى تسيير الشأن العام سياسيا وإداريا واقتصاديا واجتماعيا لأن الوطن يسع الجميع.
إن هذا التوجه هو الذي سيطبع مخرجات الاستحقاقات البلدية والجهوية والنيابية المزمع تنظيمها خلال شهر ابريل القادم 2023.
فى تحضير محكم لانتخابات رئاسية 2024 يجمع المراقبون أنها ستكون مفصلية فى مسار البلد ومكانته فى محيطه الاقليمي والدولي.
حفظ الله موريتانيا.
بقلم : آب الشيخ محمد فاضل نائب رئيس الائتلاف الوطني لدعم الخيارات الاستراتيجية/ حزب الانصاف.