ولد الشيخ ماء العينين يرد على شاب اتهم الراحل الشيخ آياه

خميس, 2022-04-28 14:21

--منشور للرد على أحمدلفظل... !
-الجزء الأول:

لقد لفت اليوم نظري مقطعٌ مصور لرجل يقدم نفسه داعية، وقد سخَّر بداية المقطع للتحامل والمزايدة على الخليفة الراحل للطريقة القادرية في غرب افريقيا: شيخنا الشيخ آياه بن الشيخ الطالب بوي تغمده الله برحمته، وقد رَأيتُ أنْ أدفعَ الشبهَ التي أثار هذا الرجل ببعض الحقائق التي لاغبار عليها (لِّيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَن بَيِّنَةٍ وَيَحْيَىٰ مَنْ حَيِىَ عَن بَيِّنَةٍ ).
أقول، وبالله أستعين.

-أولاً: لقد بالغَ هذا الرجلُ في التلفيق على الشيخ رحمه الله تعالى، حيث صَرحَ بأنّ الشيخ قال: "إن الدين عند الله الإسلام والورد القادري" وفي هذا مزايدة واضحة ذلك أنّ الشيخ رحمه الله قال: -فعلا -"إن الدين عند الله الإسلام" لكنه أتبعها بكلام جديد على وجه الاستئناف قائلا: "والورد القادري ليس ورد القادرية فقط، بل هو ورد النبي ﷺ "، وفي ذلك إشارة من الشيخ إلى أنّ النبي ﷺ كان يؤدي أذكار هذا الورد بطريقة أو بأخرى.
ويسترسل هذا الرجل-هداه الله- في كلامه، ليقول: إن الورد القادري لم يكن عند النبي ﷺ؛ وفي الرد على هذا الإدعاء نقول: بأن الحكم على الشيء فرع عن تصوره، فلابد أن نعلم بداية ماهو الورد القادري، ثم نحكم عليه بعد ذلك. 
 إنّ الورد القادري ليس إلا مجموعة أذكار يدوم السالك عليها في أوقات يأمره بها شيخُه وهذه الأذكار هي:      
-حسبنا الله ونعمَ الوكيل 200مرة -أستغفر اللّه 200مرة - لا إله إلا اللّه الملك الحق المبين 100مرة- اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم100 مرة. وكلّ أذكار هذا الورد أتى بها جبريل عليه السلام كما قال الشيخ -رحمه الله-  من عند الله تعالى، والدليل على ذلك:
- أنّ حسبنا الله ونعم الوكيل وردت في القرآن الكريم على سبيل الترغيب في الذكر حيث قال الله تعالى: { الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ }ومن هذه الآية استنتج شيوخ التصوف استحباب الذكر بحسبنا الله ونعم الوكيل.
-وأما 'استغفر الله العظيم' فورد  كذلك في القرآن طلب لزومها باعتبارها طلبا لمغفرة الله تعالى قال جل من قائل:{ فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا...} وقال تعالى: {فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنبِكَ...}.إلى غير ذلك من الآيات الكريمة التي وردت في الحث على الاستغفار.
-كما أن 'لا إله إلا الله الملك الحق المبين' ذكر عظيم ورد في حديث عن عَلي رضي الله عنه، حيث قال: قال ﷺ: ((مَنْ قَالَ لَا إِلهَ إِلَّا اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ الْمُبِينُ فِي كُلِّ يَوْمٍ مِائَةَ مَرَّةٍ كَانَ لَهُ أَمَانًا مِنَ الْفَقْرِ، وَيُؤْمَنُ مِنْ وَحْشَةِ الْقَبْرِ، وَاسْتُجْلِبَ بِهِ الْغِنَى، وَاسْتُقْرِعَ بِهِ بَابُ الْجَنَّة) أخرجه أبو نعيم في صفة الجنة -185.
- وبالنسبة للصلاة على النبي  ﷺ فقد جاء الترغيب فيها في القرآن الكريم حيث قال تعالى:( إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ ۚ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا)، والأحاديث في هذا الباب كثيرة.
فبالله عليكم أينَ التقول على النبي ﷺ، في إرجاع أصل هذا الورد إليه صلى الله عليه وسلم وصحابته؟، مادام هذا الورد ليس إلا أذكارا شواهدُ الأدلة على سنيتها من الشرع صريحةٌ، خصوصاً وأن من العلماء المحدثين من أرجع هذا الورد مجتمعا إلى النبي ﷺ ومن هؤلاء العلماء: جلال الدين السيوطي في كتابه الحاوي في الفتاوي، والشيخ محمد ولد حبيب الله ولد مايابا في كتابه تزين الدفاتر، وغيرهما كثير. أما عن قول الشيخ "هذا الورد أعطي لبعض الصحابة ولم يعط لبعضهم "، فتوضيحه أن هناك من الصحابة من تلقى مباشرة أذكار هذا الورد من النبي ﷺ ورواها، ومنهم من لم تعط له مباشرة، فلم يرويها، وذلك واضح في أسانيد الأحاديث التي وردت في صيغ الأذكار التي يتكون منها هذا الورد، موضوع الحديث.

-ثانيا: لقد قال هذا الرجل مؤولا أن الشيخ رحمه الله تعالى قصد بقوله' نحن اخْزايِم الدنيا ' نسبةَ التصرف لنفسه، وهذا قول بهتان عظيم فما قصد الشيخ ذلك أبداً، لقد قصد الشيخ رحمه الله تعالى بأن آل البيت الذين يَنتسِبُ إليهم -يقينا - لهم مكانة عظيمة عند الله سبحانه وتعالى، وتلك المكانة من الكون هي مكانة الزمام من الجمل متى قيدَ تكون أمامه، وفي ذلك تشبيه بليغ، فآل البيت زمام الكون ولا يقود أو يتصرف في الكون إلا الله تعالى، كما أن آل البيت خاطئ من ينعتهم بالدونية بل آثم لأن الله سبحانه وتعالى تفضل عليهم بالتطهير من كل دناءة، حيث قال:( إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا) ويقول ﷺ: ((يا أيها الناس، إني تركت فيكم ما إن أخذتم به لن تضلوا: كتاب الله، وعترتي أهل بيتي))؛ رواه الترمذي.
فبالله عليكم، من انتسب ﷺ هل ننعته بأنه زمام أم ننعته بأنه ذيل؟ بالنسبة لنا نحن وشيخنا فسننعت ذلك المنتسب للنبي صلى عليه وسلم بأنه زمام وليقل أحمد لفظل عنا مشركين كماسبق أن قال، وأما أحمد لفظل فإن شاء نعت من انتسب للنبي صلى عليه وسلم بما شاء، وإذا لم ينعته بأنه زمام، فلا ننصحه بأن ينعته بأنه ذيل.

-ثالثا: تناول هذا الرجل في كلامه الحديث عن موسم النمجاط الثقافي واعتبره تظاهرة تمجد فيها الدولة الموريتانية الشرك.
فَلْيَكن في علمك -ياهذا- أن أهل النمجاط قاطبة يقرون لله تبارك وتعالى بالربوبية والألوهية وحده لاشريك له وعلى اعتقاد تام بأن لامعبود بحق إلا الله ولا ضار ولانافع في الحقيقة إلا هو سبحانه وتعالى وهذا ماعليه كل أتباع الطريقة القادرية في موريتانيا وغرب إفريقيا بل في العالم أجمع، ولكنّهم كغيرهم من المسلمين لهم ملتقياتهم الثقافية والدينية ومن أهمها هذا الموسم السنوي الذي تتمثلُ أنشطته في الاجتماع على الأذكار والأدعية وصلة الرحم فضلا عن زيارة ضريح شيخنا الشيخ سعدبوه ولاضير في ذلك لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال:( كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها فإنها تذكركم الآخرة)، كما أنه لاحرج في التوسل بهذا الشيخ على العموم لأننا نعلم أنّ الوسيلة أمر مشروع، يقول الدكتور علي جمعة عضو هيئة كبار علماء الأزهر الشريف: لقد اتفقت المذاهب الأربعة على جواز التوسل بالنبي ﷺ بل استحباب ذلك، وعدم التفريق بين حياته ﷺ وانتقاله الشريف ﷺ ولم يشذ إلا ابن تيمية حيث فرق بين التوسل بالنبي ﷺ في حياته وبعد انتقاله ﷺ، ولا عبرة لشذوذه، فندعو الأمة إلى التمسك بما اتفق عليه أئمتها الأعلام، ويُسأل عن قوله تعالى: {أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّابًا }. هل تلك الآية باقية أم انتهت بانتقال النبي ﷺ، وفيما يلي نسرد الأدلة من الكتاب والسنة التي كانت سندًا لإجماع المذاهب الأربعة وهي:
أ-أدلة القرآن الكريم.
1 - {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ}.
2 -{أُولَٰئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحْذُورًا}.
3 -{وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّابًا }.
فالآية الأولى: تأمر المؤمنين أن يتقربوا إلى الله بشتى أنواع القربات، والتوسل إلى النبي ﷺ في الدعاء من القربات، وليس هناك ما يخصص وسيلة عن وسيلة، فالأمر عام بكل أنواع الوسائل التي يرضى الله بها، والدعاء عبادة ويقبل طالما أنه لم يكن بقطيعة رحم، أو إثم، أو احتوى على ألفاظ تتعارض مع أصول العقيدة ومبادئ الإسلام.
والآية الثانية: يثني الله عز وجل على هؤلاء المؤمنين الذين استجابوا لله، وتقربوا إليه بالوسيلة في الدعاء.
والآية الثالثة: صريحة في طلب الله من المؤمنين الذهاب إلى النبي ﷺ، واستغفار الله عند ذاته ﷺ الشريفة، وأن ذلك أرجى في قبول استغفارهم، وهذه الآية باقية.
ب-أدلة من السنة:
1 - عن عثمان بن حنيف أن رجلا ضرير البصر أتى النبي ﷺ فقال: ادع الله أن يعافيني. قال: «إن شئت دعوت، وإن شئت صبرت فهو خير لك». قال: فادعه. قال: فأمره أن يتوضأ فيحسن وضوءه ويدعو بهذا الدعاء: «اللهم إني أسألك وأتوجه إليك بنبيك محمد نبي الرحمة، يا محمد إني توجهت بك إلى ربى في حاجتي هذه لتقضى لي، اللهم فشفعه في» (أخرجه أحمد)، وقد صحح الحديث الحاكم، والترمذي، ولا نعلم أحدًا ضعفه حتى في ذلك العصر الحديث، وممن اشتهروا بالمنهج التشددي، فقد صححه الشيخ الألباني، فليس هناك من يعترض على سند الحديث ولا متنه، وهذا الحديث دليل على استحباب هذه الصيغة من الأدعية حيث علمها النبي ﷺ لأحد أصحابه، وأظهر الله معجزة نبيه ﷺ، حيث استجاب لدعاء الضرير في نفس المجلس، وفي الحقيقة فنحن لا نحتاج إلى ذكر قصة الحديث، التي حدثت في زمن معاوية بن أبي سفيان، حتى نستدل على جواز الدعاء بهذه الصيغة بعد انتقال النبي ﷺ، فإذا عَلَّم رسول الله ﷺ أحدًا من أصحابه صيغة للدعاء، ونقلت إلينا بالسند الصحيح، فدل ذلك على استحباب الدعاء بها في كل الأوقات حتى يرث الله الأرض ومن عليها، وليست هناك مخصص لهذا الدعاء لذلك الصحابي وحده، ولا مقيد لذلك بحياته ﷺ، فالأصل في الأحكام والتشريعات أنها مطلقة وعامة، إلا أن يثبت المخصص أو المقيد لها، ورغم ذلك كله، قال الشوكاني (تحفة الذاكرين): وفي الحديث دليل على جواز التوسل برسول الله ﷺ إلى الله عز وجل مع اعتقاد أن الفاعل هو الله سبحانه وتعالى، وأنه المعطي المانع ما شاء كان وما لم يشأ لم يكن. 
ويقول أ.د عبد الحليم منصور إن التوسل بالنبي صلى الله عليه لا خلاف فيه يُذكر بين العلماء وذلك كأن يقول القائل: أسألك بنبيك محمد ويريد: إني أسألك بإيماني به وبمحبته، وأتوسل إليك بإيماني به ومحبته، ونحو ذلك .قال ابن تيمية: من أراد هذا المعنى فهو مصيب في ذلك بلا نزاع. وإنما وقع الخلاف في جواز التوسل بأولياء الله عز وجل  والصالحين من عباده، وآل بيت النبي صلى الله عليه وسلم الأطهار .والذي يبدو لي رجحانه وعليه علماؤنا ومشيايخنا في الأزهر الشريف هو جواز التوسل إلى الله بعز وجل بآل بيت نبيه، وأوليائه الصالحين، ويضيفُ: من ذلك ما ذكره العلامة الشوكاني بقوله: "ويتوسل إلى الله بأنبيائه والصالحين. "وأما التوسل بالصالحين فمنه ما ثبت في الصحيح أن الصحابة استسقوا بالعباس رضي الله عنه عم رسول الله، وقال عمر رضي الله عنه: اللهم إنا نتوسل إليك بعم نبينا، وعندي – أي الشوكاني - أنه لا وجه لتخصيص جواز التوسل بالنبي كما زعمه الشيخ عز الدين بن عبد السلام لأمرين : الأول : ما عرفناك به من إجماع الصحابة رضي الله عنهم والثاني : أن التوسل إلى الله بأهل الفضل والعلم هو في التحقيق توسل بأعمالهم الصالحة ومزاياهم الفاضلة إذ لا يكون الفاضل فاضلا إلا بأعماله، فإذا قال القائل: اللهم إني أتوسل إليك بالعالم الفلاني، فهو باعتبار ما قام به من العلم، وقد ثبت في الصحيحين وغيرهما أن النبي حكى عن الثلاثة الذين انطبقت عليهم الصخرة أن كل واحد منهم توسل إلى الله بأعظم عمل عمله، فارتفعت الصخرة، فلو كان التوسل بالأعمال الفاضلة غير جائز، أو كان شركاكما يزعمه المتشددون .. لم تحصل الإجابة لهم، ولا سكت النبي عن إنكار ما فعلوه بعد حكايته عنه ."

وبالنسبة لتهكم هذا الرجل على جده، الرجل الصالح ولد متالي -نفعنا الله ببركاته- ووصفه له بأنه دجال وتكفيره لكافة الطرق الصوفية، وخطابه الشرائحي وتعاليه على بعض شرائح المجتمع، واقحامه لأولئك الذين حضروا كلمتَه في هذا التضليل الذي يبث من حيث لآخر، فسنأخذ له وقتا-بحول الله- آخر، ونخصص له جزءا ثانيا من هذا المنشور.

-الكاتب: الولي محمد ماء العينين أبّـاتنَ.