
مَرَرْتُ اليوم بأحد عناصر أمن الطُّرُق وهو يقف تحت الشمس "على قارعة الطريق"، ينتظر سيارة أجرة، لم تَأْتِ بعد فيما يبدو. فأشار إِلَيَّ بيده إشارة طلب اصطحاب، لا إشارة توقيف أو مرور. فاصطحبتُه إلى ما شاء الله. فَفَقَّهَني -جزاه الله خيرًا-في أحوال موظفي هذا القِطاع وَرُتَبِهِم ومستويات أجورهم الهزيلة. وبالنظر لريعان شبابه، وهُزال جسمِه وبَحَّةِ صوتِه وقِلَّةِ حيلتِه وبراءة منطقِه وضبابية مستقبله… لَرُبَمَا ذرفتْ عين السائق (الذي يشكو أصلًا من قساوة القلب) بعض الدموع من تحت النظارات الشمسية، فلم يشعر الشاب الطيب (الصورة تخدم الموقف فقط وليست منه). وذلك بعد تذكر مليارات السمك والحديد والنحاس والذهب والغاز وكومسيوهات الأقارب والأصحاب والأصهار والمشاييخ، … والفِلَلِ والعمارات والشقق التي بُنِيَّتْ منها فلم تؤجر ولم تُسْكَن… وآلاف قطعان الإبل والبقر والغنم التي تُغنم من ممتلكات الدولة فلا تُحلبُ ولا تؤكل… وأرتال السيارات الفارهة والشاحنات الضخمة التي تُقتنى على حساب الدولة، فلا تُرْكَب ولا تُستخدم … فلولا قساوة القلب وكثرة الذنوب لكانت نياحة لا بُكاء.
محمد نور الدين