تشرئب أعناق الموريتانيين هذه الأيام إلى تشكيل حكومة جديدة،بعد تسمية وزيرها الأول،والجميع يحدوه الأمل لإحداث تحول جذري وقطيعة شاملة مع زمن الفساد وممارسات المفسدين؛ وهذه سانحة لإنارة الرأي العام حول بعض مايحدث فى قلعة من قلاع الفساد ، وفى عهد رمز من رموزه ؛ إنها الإذاعة فى زمن محمد الشيخ ؛ المدير الجديد القديم فى حقبتيه المعروفتين "العزيزية" والحالية ،وهو المشهور بالحربائية ، من "البشرى"إلى "وكالة الأنباء" إلى " الإذاعة" فى مرحلتين لم يجف حبر الرجل من ترصيع الهجائيات للساسة وقادة الفكر، ولم يكف عن تدبيج الافتتاحيات للحكام ورؤساء البلد ؛ لاهجا بمدح "معاوية" طورا ،ومسبحا بحمد"عزيز" تارة فى أسطوانة مشروخة،وقالب جامد وجاهز ، يخيطه على مقاس "ساكن القصر" فى كل عصر!...
وهاهو اليوم يضيع الأمانة ويروع الإذاعة ، ويفعل فيها مايحلو له:
1- التبجح فى مجالسه الخاصة بأن الإذاعة هبة له من الرئيس ومكافأة على مجهوده فى الحملة ، ليقضي ديونه وينفذ كل ما يخطر له أويدور بخلده من أمور لاتحدث إلا فى زمنه.
2- العمل على منافسة بل محاربة مؤسسات الإعلام العمومي ( الوكالة والتلفزة) من خلال السطو على صلاحياتهما وتأجيج الفتنة بين مكونات المشهد الإعلامي الحكومي،وآخر فصول تلك المسرحية محاولته التشويش على إطلاق مكتب جديد للتلفزة فى النعمة ، بخداع الرأي العام ببث أخبار متزامنة عن تجديد تجهيزات المحطات الإذاعية؛ وهي -إن ثبتت صحتها- عملية روتينية لا ترقى إلى مستوى التغطية الإعلامية.
3 -الإمعان والتمادى فى تحويل الإذاعة من مؤسسة عمومية للإنتاج السمعي إلى قناة تلفزيونية خصوصية مؤجرة بالملايين، واقتناء وسائل و معدات البث المرئي على حساب ميزانية موجهة للبث الإذاعي.
4-الصرف خارج أطر الهيكلة الإدارية، ومنح عشرات العلاوات والتحفيزات لأشخاص لايشغلون لوظائف مصادق عليها فى إطار الهيكلة المعروفة.
5-تعيين أشخاص معارين من خارج الإذاعة ، قبل أن تطأها أقدامهم على رأس الإدارات الحساسة ؛ ما أدى إلى تكرار أخطاء فادحة،وشلل تام للمساطر البرامجية وتوقف للعمل الإذاعي.
6- حصول أخطاء قاتلة على الأثير، بسب التسيب وغياب التأطير ،ومن أبسط أمثلتها إعادة ولد عبد العزيز للرئاسة فى مرتين،إحداهما فى برنامج مسجل ،والثانية فى نشرة الأخبار الرئيسية من خلال برقية تعزية للرئيس اللبناني ، تم توقيعها باسم ولد عبد العزيز ،مباشرة على أثير إذاعة محمد الشيخ.
7- تعطيل وتوقيف بث جلسات البرلمان على الإذاعة ، واستعاضتها بالبث الموحد مع قناة شنقيط ،وذلك خلال الفترة الماضية ، وبعد إغلا ق الدورة البرلمانية بأزيد من أسبوع شرعوا فى بثها وفى أوقات متأخرة بعد منتصف الليل.
8-استغلال منبر الإذاعة فى الترويج والدعاية لحصيلته الهزيلة،من خلال افتتاحية مقحمة قبل أحد برامجه " التلفزيونية" أثارت دهشة ضيوفه، قرأها مقرب من الوزير الأول قبل إقالته ؛ وتضمنت تمجيدا فجا لما سماه محمد الشيخ "ثمانية أشهر من الإنجاز فى الإذاعة" والواقع أنها فترة تدميرممنهج ، وكان حريا به أن يتحدث عن حصيلة سنة من مأمورية الرئيس ،بدل إشباع نزواته النرجسية.
9-مصادرة حق المعارضين فى ولوج منبر إذاعة الخدمة العمومية، وإعمال مقص الرقابة فى حديث المخالفين فى الرأي ممن حضروا منهم ( وفقا لتدوينة القيادي بحزب تواصل الشيخانى ولد بيبه).
10-تقديم الرشاوى للمدونين وبعض الصحفيين المأجورين لتلميع صورته،والدفاع عنه بالباطل، والسعي إلى تضليل الرأي العام، والتغطية على فضائح تسييره المعروفة لدى الجميع من خلال الوثائق المحاسبية المسربة أخيرا لموقع الأخبار،والتى كشفت حجم الفساد وسوء التسيير الذى وصلت إليه الإذاعة.
11-توزيع مبالغ مالية طائلة على بعض المحاظر فى عدة ولايات، فى خطوة غريبة ومريبة ؛ فيها إهدار وتبديد لميزانية الإذاعة ، وسطوة على اختصاص وزارة الشؤون الإسلامية التى يعتبرها مصلحة تابعة له،ويتباهى جهارا نهارا بقرابته من الوزير.
12- السعي إلى استغلال "مجلس الإدارة" و"الجمعية العامة" للمؤسسة لتحقيق مآربه الشخصية،والحصول على إفادات "التزكية" وإدانة المديرين الذين سيروا الإذاعة مابين "حقبتيه"، وهو ما رفضته " الجمعية العامة " المنعقدة الأربعاء الماضى ،حيث فشل فى تمرير أجنداته المكشوفة عن طريقها.
يحدث ذلك فقط !..فى زمن محمد الشيخ ؛ لأن الرجل لايرى فى الإذاعة إلا "ذاته" ..ولايرى "ذاته"إلا فى الإذاعة..استخف أهلها فأطاعوه..وسامهم خسفا فأعانوه..فاعتقد أنه "مهديها":
فلم تك تصلح إلا له...ولم يك يصلح إلا لها.
ولو رامها أحد غيره...لزلزلت الأرض زلزالها.