جاليتنا في النيجر: النموذج المشرف للأنسجام والتآخي

خميس, 2025-01-16 11:15

أتيحت لي في الأيام الأخيرة رحلة عمل إلى النيجر ، مما سمح لي بالاطلاع عن كثب على أوضاع جاليتنا في البلد الافريقي الذي تجمعنا وإياه الكثير من القواسم المشتركة لا يسمح المقام بعرضها، لكن ما أثلج صدري، وأزاح عني عازب الهم والحزن وخفف من وعثاء السفر مالقيته من حفاوة وترحيب، ولمسته من تكاتف وانسجام بين مكونات الجالية الموريتانية هناك، واتساق مواقفها للدفاع عن الخيارات الوطنية، ودعم التوجهات الحكومية، لكن ما أثلج صدري أكثر تلك الروح الأخوية، والمشاعر الصادقة التي تطبع العلاقات بين أفراد الجالية، فأدركت للتو أنني أمام نموذج فريد للجاليات الموريتانية في هذا البلد الذي توجد به أقليات ناطقة بالحسانية والبولارية وهو ما يمثل ظهيرا خلفيا للدبلوماسية الوطنية، ورافدا قويا لنسج علاقات وطيدة مع هذا البلد الافريقي المتنوع في تركيبته السكانية، والمتناغم لدرجة التماهي مع قيادته، والمتصالح مع ذاته، فأكبرت تلك الميزات واعتقدت للوهلة الأولى أن حال جاليتنا هناك ليس سوى انعكاس لهذا الواقع، عندما تنصهر الجهود، وتذوب الفوارق، وتتحد الرؤى والتوجهات، لكن ما لم يكن ليغب عن نظر المراقب الحاذق _وراء هذا الانسجام- ما تباشر ه البعثة الدبلوماسية وعلى رأسها سعادة السفير سيداتي ولد أحمد عيشه من اتصالات بأفراد الجالية، وما تنظمه من لقاءات مع ممثليها، فأبواب السفارة مفتوحة أمام الجميع، ومكتب السفير لا حاجب يحول بينه واستقبال الشكاوى والتظلمات، ولا حارس يمنع دخول أي من أفراد الجالية ولا من مراجعي السفارة، تلك السياسة الفريدة التي انتهجها السفير منذ تقلده مهام التمثيل الدبلوماسي ورعاية المصالح الموريتانية في النيجر ، كما أكد لي العديد من أفراد الجالية هناك. ويبقى السبب الأبرز أيضا جهود ممثلي الجالية الموريتانية خاصة السياسي المحنك  والقيادي المتمرس في حزب الاصلاح محمد ولد كواد الذي يشغل الآن وبجدارة منصب رئيس اتحاد الجالية الموريتانية في النيجر، ورئيس اتحادالجاليات الموريتانية في دول الساحل الخمس وبنين وتوكو، ، حيث عرف بالسمعة الطيبة والصيت الحسن لهذا القيادي بالأغلبية يسبق أي لقاء معه حيث يتمع بعلاقات واسعة مع أركان النظام الحاكم بالنيجر، ولديه صلات بالعديد من الرؤساء الأفارقة، مما ساعده على تذليل الكثير من العقبات التي كانت تعترض مسار الألفة والتآخي بين مكونات الجالية هناك.
 وساهم في حل العديد من الإشكالات المطروحة من طرف أبناء الجالية ، في المرات القليلة التي اتيحت لي فرصة الالتقاء به، أكتشفت ما يتمتع به من كاريزما، وما يتحلى به من حكمة وثاقب نظر، ومالديه من أفكار و تطلعات لخدمة مواطنيه،  والرفع من سمعة وطنه التي يقول إنها فوق أي اعتبار،    حدثني أكثر مرة عن أوضاع الجالية فحز في المفصل، وأظهر دراية واسعة وخبرة عميقة بالفرص والقيود المطروحة والآفاق المستقبلية لتعزيز الانسجام والألفة بين أفرادها، وتوطيد وشائج التعاون والإخاء فيما بينهم، كل ذلك وهو يشيد بدور السفير في النقلة التي عرفتها أوضاع الجالية في الآونة الأخيرة، والجهود الخلاقة التي يبذلها مكتب الجالية لتكون أوضاع جاليتنا في المستوى المطلوب، وعلى قدر التطلعات والتحديات التي تجابهها، وحجم الآمال المعقودة عليها. فهنيئا للجالية هناك بمثل هذه العقلية الفذة، والشخصية الكارزمية التي تتقن العمل في صمت، وتجيد فن العلاقات وتحسن  إدارة الخلافات، وتتمتع بحس وطني قل نظيره، وبانتماء صادق لا تغيره الليالي، ولا يخشى عاديات الزمن.
الحلقة الأولى