العيد "شبح الآباء "

جمعة, 2014-07-25 15:53

 

 

انطلقت الصافرة,و أشتد المؤزر و أقترب العيد,و بدء العد التنازلي و بدء شهر الفضل و الخير و البركة,يحزم أمتعته للرحيل,و بدء التجار في عرض بضائعهم,و بدء المواطنين يتوافدون على الأسواق,و بدأت الأسواق تشهد زحما في السير و الإقبال,وبدأت الأسعار في الارتفاع,إنه العيد,ما يشغلوا الجميع الآن, هو كيفية الحصول على ملابس العيد و شاة العيد,و ما يشغل التجار الآن هو بيع تجارتهم و الربح,عيد فرصة و سعادة و فرح يدخله الله إلى قلوب الجميع,كما أن العيد شبح الآباء كما يطلقون عليه,حيث,يطلب من الآباء توفير أكثر من طاقتهم و بذل من المال ما ليس لهم به علم,كما أن ملابس العيد و تحضيراته و مستلزماته و نفقاته,دائما ما تتسبب في خلاف بين الأزواج,و كثيرا ما تكون السبب الرئيسي في تفكك الأسر,حيث يطلب من الرجل ما فوق طاقته فيكون الطلاق بعد جدال قوي و مباحثات بين كلا الطرفين هو الحل الأمثل في ذلك الوقت,هو ما يكون دائما عائقا لدى الكثيرون و خاصة في مثل هذه المناسبات.

ليست مشكلة الآباء في تحصيل المال,مشكلة الآباء أن ما يملكون من المال نفقه في شهر رمضان المبارك في شراء الأزر و البصل و الألبان و تحضير الإفطار,و هم مطالبون الآن بتحصيل المال و بذله من جديد لكي لا يكونوا بخلاء, فمن بكرامة الأب هذه الأيام أن يهدي إلى أبنائه و زوجته ما يشترون به ملابس العيد و يهدرونه فيمبتغاهم.

تتجه جميع الأنظار إلى العيد,فلا أحد يستحي من طلب نصيبه من المال ليوظفه,و لا أحد يتخلى عن فرحة العيد و زيارة سوق كبتال في حر النهار,أيام قليلة تفصلنا عن عيد الفطر المبارك,آلاف الأبناء تقدموا بمتطلباتهم لآبائهم ليوفروها لهم ليفرحوا بها في العيد,و الآلاف يستحون من قول لآبائهم أن يوفروا لهم ملابس العيد,وذلك نظرا إلى حال آبائهم البائس و عدم حصولهم على الغرض الكافي من المال ليسدوا به حاجيات أبنائهم,المشكلة لدى الآباء أن ديون رمضان لا زالت تطاردهم و لم يسددوها بعد,وليست هذه هي المشاكل وحدها, فهناك آلاف الشباب العاطلون عن العمل,و هناك الفقراء و المساكين و الأرامل و اليتامى و العوانس و المعاقون,لا طريقة لديهم لاستقبال عيد الفطر و لا معيل.

أصبح عيد الفطر المبارك على المشارف ومصاريف العيد الكثيرة لم يتمكن الكثير من الناس من الحصول حتى على ثلثها,وكثيرا ما يصادف عيد الفطر مشاكل جمة,منها ما يتم التقلب عليه و منها ما يصعب التقلب عليه,فدائما ما يصادف الأعياد,عمليات سطو و سرقة مكثفة تقوم بها عصابات السرقة و السطو في العاصمة نواكشوط,و كثيرا ما يصادف الأعياد ارتفاع أسعار الأضحية و أزمة النقل,و تأخر تسديد الرواتب و ارتفاع نسبة الطلاق و تفكك الأسر و ازدياد آلام الفقراء و معاناتهم و عدم ارتياحهم للعيد.

إلحاح الأطفال على شراء ملابس العيد و إلحاح أمهاتهم على إعطائهم المال لبذره في حاجياتهم,يولد لدى الأب أنه يعجز عن توفير حاجيات أبنائه و زوجته و دائما ما يرتكب بعض الآباء أخطاء بدون إدراك منهم و ذلك ناتج عن إلحاح أبناء و الزوجة على الأب لتوفير ملابس العيد و أضحية العيد,وقد سبق أن شاهدنا رجُلا قتل أبنائه الأربع حينما ظل إلحاح زوجته و عجزه يطاردونه,و يذكر أن المرأة الموريتانية تهدر أموال هائلة في العيد على أشياء عادية,كما يهدر الشباب أمواله في المرح و تجوال بين المنتزهات و الساحات و الرقص و الغناء و استجار السيارات و لعب بها,و كثيرا ما يصادف الأعياد حوادث سير جمة,و حالات سكر و تفسخ و اختلاط و انحراف تزامنا مع احتفال بعيد الفطر المبارك.

ورغم قلة الحيلة و الموارد و ضعف المعيشة و الفقر و ارتفاع الأسعار و الجفاف يستعد الموريتانيين الغني منهم و الفقير لاستقبال عيد الفطر المبارك في أجمل تجلياتهم و حالاتهم مطمئنين و فرحين بقدوم,و رغم ذلك فان الموريتانيين حريصون على الاحتفال بعيد الفطر في أجواء عائلية ودينية تحترم خصوصية هذه المناسبة ومكانتها,و نحن ندعو الموريتانيين بتكافل و مساعدة بعضهم بعض و شراء هدايا العيد للفقراء و المساكين و تقديم مساعدات لذوي الاحتياجات الخاصة, و لنحتفل بالعيد معا و نرسم البسمة و البهجة و فرحة العيد على جميع الأوجه,و لنحاول أن نتقاسم مع من أرهقتهم الحياة و شردتهم و أذاقوا مرارة الفقر و الجوع و العطش أفراح العيد و لنخرج معا في نزهة و جولة في منتزاهات نواكشوط الفاخرة و نحاول أن لا نشعر البعض أنه يعاني من الفقر و أن أبويه يعجزون عن دفع تكاليف فمثل المؤمنين في توادهم وتعاطفهم وتراحمهم مثل الجسد إذا اشتكى منه شيء تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى" و على السلطات القيام بدورها و توفير الأمن و الأمان للمواطنين و خاصة في هذه الآوينة التي تعرف بتكاثر عمليات السطو و السرقة.