أربع سنوات من التعهدات.. المنجز والعقبات/ بقلم سعيد ولد حبيب

جمعة, 2023-06-23 14:16

تحوي تعهدات رئيس الجمهوريدة للمواطنين حزمة مشروعات ضخمة..بعضها في شكل رزنامة تحسين أوضاع معيشية ..كتوفير الخدمات الأساسية ورفع الأجور والاعتناء بالطبقات الهشة وذوي الدخل المحدود.وفتح مجال التشغيل والتوظيف والسكن وتنظيم الملكية العقارية ومجال الدومين العام والمخططات الحضرية للمدن .. وبعضها يأتي في شكل إقامة مشروعات بنى تحتية كبرى طرق موانئ جسور فنادق ويتعلق محور من هذه التعهدات بتنمية الوعي المدني والسياسي والثقافي ونشر معنى المواطنة وتكريسه بينما يتعلق بعض جوانبها بتعزيز الموقف الدبلوماسي والحضور الفاعل في المشهد الإقليمي والقاري والدولي عبر مقاربات أمنية وعسكرية وسياسية واقتصادية تجعل البلد في حل من التخندق شمالا أو جنوبا شرقا أو غربا ليكون حلقة وسط وقنطرة تبادل انطلاقا من دوره التاريخي وموقعه الجيوستراتيجي.

وفي بعد آخر لا يقل أهمية تم خلق أجواء من التشاور والشراكة مع مختلف الطيف الوطني ما نجمت عنه تهدئة عامة لتطييب الخواطر والتفرغ للعمل بيد أن هذه الوضعية التي يفترض أنها مساعدة افرزت حالة من النكران في أوساط المعارضة والأغلبية على حد السواء فلم ترضى المعارضة  بالنصيب ولم تسهم الأغلبية في منح التوازنات داخل طيفها فرصة التعايش حيث كان لترشيحاتها وصراعاتها بالغ الأثر في تمييع العملية الانتخابية الأخيرة 

ومن أجل تنفيذ هذا البرنامج الطموح جمع رئيس الجمهورية أول حكومة له بعد الانتخابات وأخبر كل عضو فيها بأنه سيوفر له الموارد وأن عليه أن يجسد هذه المشروعات في خطط ومقاربات يعتمدها كل وزير في قطاعه وأن الحساب فيما بعد سيكون بينه والوزير المعني على أن السلطة التقديرية في التصرف ممنوحة لكل قطاع وعلى كل مسؤول أن يحاسب الموظفين الأدنى منه رتبة حتى يتحقق المنجز 
وكانت هذه المقاربة واضحة في منح الصلاحيات لكل مسؤول للقيام بما يلزم سبيلا لتحقيق التعهدات.وقد ظهر تفاوت كبير في نجاح القطاعات لدى تنفيذ برامجها مشروعاتها كما ظهر التفاوت في نجاعة وقوة كل برنامج قطاعي حسب كفاءةو جدارة المسؤول المباشر من جهة ومدى توفيق الوزير في اختيار مسيري قطاعه من مديرين ورؤساء مصالح وأطر وموظفين وهكذا تواليا حسب الترتيب البروتوكولي والإداري وحسب نظافة وجدية المعنيين في التصرف انطلاقا من روح وطنية يطبعها العمل من أجل خدمة الوطن والمواطن 
إن الناظر لما تحقق خلال أربع سنوات من مأمورية رئيس الجمهورية يلمس تحقيق جزء لا بأس به من تلك التعهدات على الرغم من التفاوت البين بين القطاعات وعلى رغم الظروف القاهرة التى صادفت السنوات الأولى من المأمورية مثل وباء كورونا وحرب اوكرانيا 
ولعل من يرون النصف الفارغ من الكأس غير ملومين نظرا لأن ما يتحدثون عنه من ضعف في المنجز له ما يبرره من زاويتين 
الزاوية الأولى تتمثل في عدم نجاح الحكومة في وضع خطة لضبط الأسعار ذلك أن المواطن البسيط لا ينظر سوى لما بين يديه فإن نزل إلى السوق لاقتناء حاجياته خاصة المواد الغذائية الأساسية ووجد ان اسعارها فوق طاقته وتتعدى قدرته الشرائية رغم زيادة الأجور التى حدثت فإنه لا ينظر في تلك اللحظة سوى لما وجد أمامه من ارتفاع في سعر الخبز والأرز والحليب والسكر ..فيرجع على عقبيه يلعن الاوضاع حتى وان كان راتبه قد زاد إضعافا وهذه مسألة في غاية الأهمية ويجب التوقف عنها أفما كان الأولى لدى وضع الخطة الاجتماعية دراسة مسألة خفض الأسعار ووضعها في الأولوية بالتعاون مع رجال الأعمال والموردين عبر خطة تقوم بتفعيل شركة سنمكس ليترك هامش للدولة في توريد بعض السلع للتحكم في ضبط الأسعار..؟
الزاوية الثانية تتمثل في ضعف الآلية الإعلامية التى تبدو شبه عاجزة عن إبراز حجم المنجز ونفخه بطرق وأساليب مهنية لتظهر المجهود الذي تم القيام به ودون أن تظلمه ومن البداهةعند تسويق ما تحقق من تعهدات رئيس الجمهورية النزول إلى الميدان لمعرفة كيف تحسنت الظروف المعيشية لآلاف المواطنين المعدمين من خلال التوزيعات النقدية التى أصبحت عوائل عديدة تحصل عليها ونفس الشيء عندما نقترب من أوضاع المتقاعدين والعمال الذين ارتفعت أجورهم 
وتتجسد التحسينات أيضا في العدد الكبير منةالمواطنبن الذين باتوا يحصلون على تأمين صحي وعلاجات الأمراض المستعصية والمزمنة الذين تتكفل بهم الدولة بشكل كبير 
يجب إبراز ما تحقق على مستوى السكن الاجتماعي وان كان عدد المنازل بالالاف فقط إلا أنها مبادرة يمكن تعميمها وتوسيع مداها في المستقبل القريب 
كان ينبغي إبراز ما تم إنجازه في مجال الطرق وكم من شبكة طرق وطريق يربط بين المدن جرى أو يجري حاليا إنجازه 
صحيح أنه في بعض المشروعات الكبرى حدث تعثر واضح خاصة في مجال الجسور فكم من جسر تعطل العمل فيه لسبب بسيط وهو عدم كفاءة الشركات والمقاولين الذين تم التعامل معهم وهي مسألة ينبغي الوقوف عندها للتخطيط بشكل أفضل في المستقبل لدى الاقدام على بناء إنشاءات من هذا النوع ومراعاة القدرة على الالتزام بدفتر الالتزامات 
لقد تحدث رئيس الجمهورية في لقاءات سابقة  مبرقا بكثير من الرسائل لفريق عمله فقد التقى إحدى دفعات خريجي الإدارة والمفتشين الماليين محذرا من أساليب الفساد والرشوة التى عرقلت سير عجلة التنمية فيما سبق
والتقى الإدارة الإقليمية مطالبا العاجزين عن مواكبة العمل بالتنحي إذا كانوا غير قادرين 
والتقى التجار والموردين ورجال الأعمال وطالبهم بالرحمة بالمواطنين ..كما يكرر في كل اجتماع لمجلس الوزراء نصائحه للحكومة من أجل العمل بجدية ونزاهة وإخلاص خدمةللوطن ورغم ذلك فإنه كان يلجأ في كل مرة لترقيع الحكومة دون أن نلمس استجابة حقيقية لتلك الترقيعات مع تسجيل تفاوت فيما بينها فمن هؤلاء من انشغل بخطة تراعي دمج أقاربه ومحيطه الاجتماعي وشيعته وداعميه سياسيا في مسقط رأسه وحرص على إبداء قوته الشعبية على حساب عمله المهني والتكنوقراطي فكانت أسفاره للخارج و ورشات قطاعه والمشروعات التى تبرر منح الأموال لاقاربه ومجموعاته السياسية والقبلية والجهوية مبررات لصرف المليارات دون أن يكون لها أثر مباشر في تعهدات رئيس الجمهورية ..وهكذا حتى وصلنا لنهاية المأمورية الأولى بحصيلة ظاهرها أرقام فلكية من الأموال التى تم منحها لتلك القطاعات..وتفاوت صارخ على أرض المنجز..فماذا بعد ...؟