الوقاية ٱولا ....ياوزارة الصحة / الشيخ البال إطار بوزارة الصحة

خميس, 2025-02-13 16:06

من المعروف في أبجديّات التداوي  أن العلاجات وحدها لاتكفي لصد وباء أو مرض ما ، إن لم تتتم مسايرتها بإستراتيجيات عملية وجدية من أجل الوقاية من هذه الأمراض والأوبئة ومعرفة أسبابها ، 

وهو الشيئ الذي لازال غائبا لدى وزارتنا المحترة -وزارة الصحة- فلازالت حملات التحسيس قليلة جدا وخجولة للغاية وتقتصر على إرسال مهنيين من القطاع إلى الداخل لتثقيف الساكنة حول أهمية غسل اليدين بالصابون قبل الأكل وبعد الخروج من الحمام، وأهمية الرضاعة الحصرية خلال الأشهر الستة الأولى بعد الولادة ، والنوم تحت الناموسية المشبعة ، وبمواكبة هذه الحملات بطواقم صحفية للتغطية الإعلامية،  حتى يأخذ الحدث -الخجول طبعا- زخما إعلاميا من خلال نشر صور وبعض المقابلات مع بعض المستفيدين  من التحسيس ، طبعا العمل الميداني وجمع الساكنة يتم من خلال التعاون مع منظمات المجتمع المدني المحلية، 
لايمكن أن ننكر أن هذه الحملات التحسيسية هي مهمة جدا ، ولكن ما إن نغوص في تفاصيلها  حتى ندرك بأن "العيطة أكبيرة والميت فار" أي أن نتيجتها لاتعكس الجهد الذي بُذل فيها من تأجير سيارات وتعويضات مالية للمُحسسين  والمنظمات إلى غير ذلك من الهدر والتكلّف ، 
وسنورد أمثلة على ذاك ، 
على سبيل المثال فيما يخص التحسيس حول ضرورة النوم تحت الناموسية ( الغبة) المشبعة، تقوم البعثة بتقسيم ناموسيات مشبعة على المستفيدين من التحسيس وفي أغلب الأحيان يكون عدد الناموسيات قليل جدا ، حتى أنني أذكر مرة قاموا بتقسيم ثلاث ناموسيات على الحضور ، أنا لاأقصد بهذا أن عليهم تعميم الناموسيات على الساكنة فذلك ضرب من الخيال ، ولكنهم يدركون بأن المواطن يعاني الفقر وصعوبة الحياة وبالكاد يضمن عيشا لأبنائه -وليس عيشا كريما إلذاك - فكيف به يشتري ناموسيات تحميه وباقي أفراد أسرته عض الناموس ؟
المثال الثاني هو عن أهمية غسل اليدين بالماء والصابون ، ومن المفارقة أنهم يأتون إلى قرية تعاني شح المياه فيحدثونها عن غسل اليدين وبالصابون أيضا ، وهم بالكاد يجلبون مايسد رمقهم  على رؤوسهم تارة وتارة على ظهور حميرهم ، فبالنسبة لهم غسل اليدين وبالصابون هو نوع من الترف والفساد، فلأولى تقديم حلول لهم،  إما  عن طريق جلب مصدر للمياع الصالحة للشرب أو إقناعهم بأن يندمجوا مع أقرب قرية لهم بها مياه صالحة للشرب طبعا هذا يتطلب تدخل وزارات أخرى   ولكنه يشكل حلا لهم، 
بعدها حدثوهم عن غسل اليدين وعن الصابون أيضا،
المثال الثالث هو غياب التحسيس حول أسباب إنتشار وتزايد مرض السرطان ، فالتحسيس حول هذا المرض الفتاك لازال هو الآخر خجولا ويقتصر على ضرورة الكشف المبكر عن سرطان الثدي ، رغم أن خطورة السرطانات الأخرى وأهمية التحسيس بها كسرطان عنق الرحم ولبروستات والمريئ والجلد والقولون  تتطلب دمجها في هذه الحملات التحسيسية أيضا،
وربما يكون السبب في ذلك هو غياب إرادة جادة من طرف الوزارة المعنية تفضي إلى القيام بدراسة شاملة تشمل جميع المرضى الذين تعالجوا  والذين لايزالون يتعالجوا لدى المركز الوطني للأنكلوجيا وذلك عن طريق الرجوع إلى سجل المرضى وتحليل بياناتهم - العمر ، مكان الإقامة، الجنس ، طبيعة النشاط، النمط المعيشي ، المسلكيات ،....الخ- التي ستمكن الطواقم العاملة في المجال من الحصول على تصور عن أسباب وأماكن إنتشار هذا المرض العضال، وعلى ضوء ذلك التصور تقوم الوزارة المعنية ممثلة في خلية التثقيق الصحي بالقيام بحملات تحسيسية حول كل مامن شأنه أن يكون سببا مباشرا أو غير مباشر في هذا المرض ، فكل مريض زيادة يشكل عبئا إقتصاديا ينضاف إلى العبئ  النفسي على ذويه وعلى الدولة أيضا ، ولايمكن إيقاف زحف هذا المرض من خلال توسيع مركز الأنكلوجيا أو بناء مركز آخر للتكفل بالمرضى حتى وإن كان صادرا عن جهة خيرية لاتسعى للربح ولاتكلف المريض إلا ماهو رمزي ، فلن يتوقف الزحف فستمتلئ مراكز التكفل جميعها مادام مصدر الخلل لم تتم معالجته، 
هذه أمثلة فقط لبعض الأنشطة التي تقوم بها وزارتنا المحترمة سعيا منها للحد من إنتشار بعض الأمراض ،  ولاشك بأن القارئ ستحصل لديه الصورة الكاملة لحقيقة هذه الحملات والتي تنم عن غياب إرادة جادة وتصور واضح وإستراتيجيات مبنية على دراسات من القيّمين على هذه الحملات، فتكون المحصلة من هذه الحملات هي إستنزاف جزء من ميزانية الوزارة في اللوجستيك والتعويضات المالية للقيّمين عليها.

فمتى ستستفيق الوزارة وتقف عند مسؤولياتها وتؤدي دورها النبيل المنوط ببها ؟
ومتى يقذف اليمّ تابوت هذا الضياع ؟
الشيخ البال/مهندس بيوطبي  بالمذكورة أعلاه