رفقة المعلم ولد ابريد الليل: تنضج أفكار في الفروسية؛ ح6

ثلاثاء, 2021-03-16 12:49

"ليس هناك في البقاء والخلود ما يضاهي المجد، لأنه لا يشيد باللبنات والحجارة والحديد.

مقر المجد هو في قلوب وأذهان الرجال. إنه لا يتحطم، نسيان الذات وحده، قبل النسيان العادي هو الذي يدمره. "

**

يفتقر المعلم محمد يحظيه ولد ابريد الليل لعاطفة حب المال، ويحوز حس الفشل الذريع في جمعه وتلقفه، مع موهبة فائقة في اللامبالات الأنيقة، تعتبر عشق المال سطوا على روح الكرامة، وجفافا للفؤاد ماحقا.

أبصر الوجود في مرابع الإبل، ببهجة الملاعق الذهبية، و عاش بترف رفيع متعة المعرفة وسكينة الأخلاق الجميلة.

استهلك عامه، من الزمن ثلاث مائة وستة وستون يوما، بدأت يوم السبت لتنتهي يوم الأحد.

مر المجاهدون الشجعان، في طريقهم إلى قلعة تجكجة، من واحة " امحيرث" الغناء، بالعالم والولي المربي الشيخ محمد محمود بن الشيخ الغزواني لمباركة غزوتهم وتفسير الرؤيا المتكررة بقتل منظر الحملة الاستعمارية على موريتانيا "كزافيه كبولاني"؛ أهداهم شيخ الصوفية حسام موت الصائل المغتصب.

ليقتل المقاوم سيدي ولد مولاي الزين وفرسان "أهل التناكي" الأبطال، قبل أربعين حولا من رضاعة ولد ابريد الليل الأولى، كبولاني، الذي ترقد رفيقته في مقبرة Asnières، تحت الطوب والموت " 
كمدا" و "حرقة"؛

تحققت الرؤيا؛ وتوقفت أنفاس كبولاني ليسطر أبطال أطول مقاومة عربية ملحمة تضحية ستظل الأجيال ترويها وتفتخر بها على مر التاريخ.

 استقبله الرئيس العراقي الراحل البطل صدام حسين، بصفة علنية، مرتين، على الأقل؛ ملحا بحب صادق، وكان ولد ابريد الليل بهدوئه الكارزمي، يتمسك بالمودة ويقنع بحسن الحال؛ 

جادت عليه المناصب السامية، بالرواتب والعلاوات، وبعدد معتبر من القطع الأرضية، أكرم بهم عشرة معاونيه وزملائه.

يَعتبر جمود مشاعر الدولة، مؤهلا للعناية بالتحكم في الاقتصاد وتطويعه لمنطق التوزيع العادل للثروة، بولوج واستيلاء المواطنين والعمال الأكثر فقرا على المال، إنصافا للاقتصاد ولوقوده.

تعود التملص من إكراهات الوظائف السامية، تفاديا " الهبوط"، وأشياء أخرى شديدة السخافة وأكثر ضرا من طمأنينة المنفعة : تتوارى " العناية"، ويلتهم الفراغ حبل " الود"؛ ويحكم التهام " الثورة "، صدق الثائر المؤمن بحتمية التغيير والدور الأخلاقي للنخب بالإسهام البناء في إنعاش حياة الجمهورية، حتى لا يتكرر الهجر الذي أفرغ الدولة ومؤسساتها خلال آخر عقود القرن العشرين، من باع الصواب.

احتفظ بوافر صدق النية، وتقبل الإنصاف، ارتوى من معتقات تهور المؤسسات، وآنية الحسم رغم تغييب الحيثيات وتعطيل الآليات النظيفة للإرتقاء بمستوى أداء الدولة.

تمسك بجدية الاحتفاظ للدولة بأسرارها دون أي مساومة، وعبر فيافي اللياقة، بكبرياء يعفي الحقد ويخلف للغضب مواعيده؛ متشبثا بما يليق؛ أمام جدار العزلة السميك، يستوفي قرائة مؤجلة، ويكتفي بخلوة ماتعة في ببيئة طيبة بأحضان ثروته الشخصية من كتب.

كان على دراية باستخدام الأموال العامة، لديه إيمان قوي بالدولة، التي عندما يتعلق بمصالحها الحيوية والاستراتيجية، وصورتها بين الأمم، يتدفق الخراج دون تردد. 

تجاوز المال حدود أدوار تنظيم التبادل والمقايضة، ليحتل مكانة مفجعة في المجتمعات و يكتسب قوة أكبر من البطاقة الانتخابية، وقيمة السلع، ولم يعد بمنأى عن خدمة فوضى الهدم منفصلا عن الحقيقة وفي استهداف دائم للحياة، وتبديد الأرض والماء والموارد الطبيعية مقابل المال الذي اكتسب القدرة الافتراضية في الاستنساخ عبر الاحتكار والمضاربة.

إن الضمير الأخلاقي للحياة العامة يتطلب سيادة القانون وإشاعة الشفافية والثقة السياسية في الحياة الد مقراطية للجمهورية.

تكمن إحدى تجليات الفضيلة، في الوطنية وحب القانون، باعتبار سمو المصلحة العامة على تلك الخاصة.

أعلنت قيم الصحراء الكبرى الثروة "مدنسة" لنبل الروح، وأبقتها ملكا مشاعا تتقاسمه مودة الجماعة مع الضيف وعابر السبيل؛ وصمدت بقوة في وجه موضة "الجيوب"،  التي ألحقها تصميم المستعمر بكبرياء عبائة البذل.

كان رجال الصحراء الكبرى من فرط الزهد في مادة الغرب، يصهرون القطع النقدية للمستعمر الأوروبي ويصنعون منها حليا للنساء.

عبد الله يعقوب حرمة الله